الشارع الاسود و البلكونة البمبى
(هات كرسى و تعالى جمبى)
كان لى صديق عزيز تعرض فى احدى فترات حياته الى عدة مواقف صعبة جعلت نظرته للأمور حزينة بعض الشىء ,و كان يعبر عن هذه الاحاسيس من خلال كلمته المفضلة التى كان يكررها فى كل مناسبة ؛
" ايام سودا " . .
و كانت هذه الكلمة تضايقنى كثيرا لما فيها من سلبية و تشاؤم , و كنت دائما ابذل مجهودا ضخما لأقناعه بمدى خطأه و ان الحياه اجمل من ذلك بكثير فلقد كنت اؤمن - بقوة - بنظرية سعاد حسنى فى رؤية الامور, نظرية ( الدنيا ربيع ) !!
لكن مع مرور الوقت بدأت تصدمنى الحياة بموجات متنوعة من السواد الذى لحق بى او بمن هم حولى , الأمر الذى جعل "سعاد حسنى" التى بداخلى تقفز من الدور الرابع و بدأ يحيا بداخلى بدلا منها " راجل عجوز دقنه طويلة " اكد لى يوما بعد يوم انها ايام سودا و انه مفيش فايدة.
و بدأت انمو.. و بدأت افكر؛ ;كيف ينجح بعض الناس رغم الايام السودا ؟!
و بالبحث و التفكير اكتشفت ان الامكانيات و الظروف و الاشخاص المحيطين و غيرها من معوقات النجاح, هى امور يمكن هزيمتها و التغلب عليها بطريقة او بأخرى... فعدت افكر من جديد فى السبب الحقيقى للنجاح لأكتشف حقيقة مفزعة هزت اركانى ... حقيقة ان كل الناس تستطيع ان تنجح !!......كل الناس !! ....... فالنجاح موجود بداخلنا !!
و لكن علينا اكتشافه ..... و هذا هو الجزء الصعب..... الصعب جدا .. فالأنسان يعيش حياته يبحث عن نفسه بداخل نفسه, فأن وجدها رأى النور و تذوق الحرية و تخطى الزمن.. و حينها يرى كل شىء جميل ليس لجمال الأشياء و لكن لأنه هو تحول الى كائن جميل..
و مع هذا التيار الجديد من نسيم البحر المنعش الذى دخل الى اعماقى بدأت احيا من جديد , و اغلب السواد بالنور و الحزن بالسرور..و بدأت اصدق ان نظرتى للأمور هى المفتاح.. فليست الامور هى المهمة , بل كيف انظر اليها .
و مات " الراجل العجوز ابو دقن طويلة " و خرج من قلبى محمولا فى صندوق خشبى ليعانق التراب ..و تغير قلبى... و لكن سعاد حسنى لم ترجع لتحيا فى قلبى مرة اخرى, لأن قلبى اصبح مشغولا الآن...." فأنا " احيا بداخله و يحيا معى صديق اسمه
"النور"....
فكلنا نحيا و نسيرفى نفس الشارع ذو الأسفلت الأسود و لكنى اعلم نفسى ان اطير عن الأرض فلا يلمس السواد رجلى ..ارتفع عن الأرض و اجلس فى البلكونة اراقب من بعيد.. لأن سعادتى و نجاحى هما بداخلى و ليسا فى (الشارع اللى هناك) ..
أنا احيا اطل على (الشارع الاسود) من (بلكونتى البمبى).....
(هات كرسى و تعالى جمبى).
.
.
.
اشكرك يارب فانت تعلمنى الحياة....
اقتبس هنا مقولة عميقة لرجل جميل :
"الأمل هو حالة للذهن و ليس للعالم فالأمل بهذا المعنى العميق و القوى , ليس مثل الفرح بأن الأشياء تجرى حسنا , و أيضا ليس الارادة فى الاستثمار فى مشروعات واضح انها تتجه للنجاح .
و لكنه على العكس هو القدرة على العمل من اجل شىء لأنه جيد"
.
.
.
.
.